الخميس، 23 ديسمبر 2010

لا أدري ؟؟؟؟

أدري !!!!!!!

كثُر قول السلف " لا أدري " فيما لا يعلمون ، وكانوا لا يَتَحَرَّجُون مِن قول : " لا أدري " .
أدري !!!!!!!
وقدوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أُمِر أن يقول :
(مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) .(1)
وفي حديث أُمَّ الْعَلاَءِ رضي الله أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً قلت : فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا ، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ ؟ فَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ ؟ فَقَالَ : أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي - وَأَنَا رَسُولُ اللهِ - مَا يُفْعَلُ بِي . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا . رواه البخاري .(2)

وروى الدارمي مِن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عُمر : أن رجلا سأله عن مَسألة ، فقال : لا عِلْم لي بها ، فلما أدبر الرجل قال ابن عمر : نِعْم ما قال ابن عمر ! سُئل عمَّا لا يَعْلَم ، فقال : لا عِلْم لي به .

وروى الطبراني في " الأوسط " وابن عبد البر في " جامع بيان العِلْم " مِن طريق نافع عن ابن عُمر قال : العِلْم ثلاثة : كتاب نَاطِق ، وسُنَّة ماضية ، ولا أدري .

وروى ابن عبد البر في " جامع بيان العِلْم " مِن طريق عقبة بن مسلم قال : صَحِبْت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا ، فكان كثيرا ما يُسأل ، فيقول : " لا أدري " ، ثم يَلْتَفت إليّ ، فيقول : أتَدري ما يُريد هؤلاء ؟ يُرِيدُون أن يَجْعَلُوا ظهورنا جِسْرًا إلى جهنم !

قال ابن عبد البر: وذَكَر الشعبي عن علي رضي الله عنه أنه خَرَج عليهم وهو يقول : ما أبْرَدَها على الكَبْد ! فقيل له : وما ذلك ؟ قال : أن تَقول للشيء لا تَعْلَمه : الله أعْلَم .

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) قال : نَزَلَتْ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ صِيَامَ رَمَضَانَ فَيَفْتَدِي مِنْ كُلِّ يَوْمٍ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ . قُلْتُ لَهُ : كَمْ طَعَامُهُ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : طَعَامُ يَوْمٍ .

وقال ابن عبد البر : قال ابن وَضَّاح : وسُئل سحنون : أيَسع العَالِم أن يقول : " لا أدري " فيما يَدْرِي ؟ فقال : أما مَا في كِتاب قائم أو سُنة ثابتة فلا يَسَعه ذلك ، وأما ما كان مِن هذا الرأي فإنه يَسَعه ذلك ؛ لأنه لا يَدْري أمُصِيب هو أم مُخْطِئ .

وروى ابن عبد البر في " جامع بيان العِلْم " مِن طريق عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : سُئل سعيد بن جبير عن شيء ، فقال : لا أعلم ، ثم قال : وَيل للذي يَقول لِمَا لا يَعْلَم : إني أعْلَم .

وقال : وذَكَر ابنُ وهب أيضا في كتاب " المجالس " قال : سَمِعْت مالِكًا يقول : ينبغي للعَالِم أن يَألَف فيما أشْكَل عليه قول : " لا أدري " ؛ فإنه عسى أن يُهَيَّأ له خَيْر .

قال الإمام مالك رحمه الله : ما شيء أشدّ عليّ مِن أن أُسْأل عن مسألة من الحلال والحرام ؛ لأن هذا هو القَطْع في حُكْم الله ، ولقد أدركت أهل العِلم والفقه بِبَلَدِنا وإن أحدهم إذا سُئل عن مسألة كأن الموت أشْرَف عليه ، ورأيت أهل زماننا هذا يَشتهون الكلام فيه والفتيا ، ولو وَقَفوا على ما يَصيرون إليه غدا لَقَلَّلُوا مِن هذا ، وإن عمر بن الخطاب وعَلِيًّا وعامة خيار الصحابة كانت تَرِد عليهم المسائل - وهم خير القرن الذى بُعِث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم - وكانوا يَجْمَعُون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويَسألون ، ثم حينئذ يُفْتُون فيها ، وأهل زماننا هذا قد صار فَخْرهم الفُتيا ؛ فَبِقَدْر ذلك يُفْتَح لهم مِن العِلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق